قمة الدوخة

الثلاثاء، 31 مارس 2009
وأنا أتابع مباشرة قمة الدوحة على إحدى الفضائيات تداعت إلى ذهني قصيدة لشاعر كبير ندر حياته للحقيقة المرة فعرى بجرأة وامتياز واقعنا العربي المتخاذل ورغم أنه عاش أغلب حياته وما زال يعيش خارج وطنه الأم منذ نفيه إلى بريطانيا إلا أن قلبه وكيانه ما زال يطوف كالرقيب على صانعي القرار في البلاد العربية ليقرع أسماعهم ويهز أركانهم بلافتاته المدوية والتي اخترت لكم منها هاته اللافتة آملا أن تنال إعجابكم :

حديقة الحيوان

في جهةٍ ما
من هذي الكرة الأرضية
قفصٌ عصريٌ لوحوش ِ ا لغاب
يحرسُهُ جُندٌ وحراب
فيه فهودٌ تؤمنُ بالحرية
وسباعٌ تأكلُ بالشوكة ِ والسكين
بقايا الأدمغة ِ البشرية
فوقَ المائدةِ الثورية
وكلابٌ بجوارِ كلاب
أذنابٌ تخبطُ في الماءِ على أذناب
وتُحني اللحيةَ بالزيت
وتعتمرُ الكوفية !
فيه ِ قرودٌ أفريقية
رُبطت في أطواق ٍ صهيونية
ترقصُ طولَ اليومِ على الألحان الأمريكية
فيه ذئاب
تعبدُ ربّ العرشِ
وتدعو الأغنام إلـى الله ِ
لكي تأكُـلها في المحراب
فيه ِ غرابٌ
لا يُشبههُ في الأوصافِ غـُراب
أ يـلـو لـي الريشِ
يطيرُ بأجنحة ٍ ملكيه
ولهُ حجمُ العقرب
لكن له صوتَ الحية
يلعنُ فرخَ النسر ِ
بـكـلّ السُبـل ِ الإعلامية
ويُقاسمُهُ ــ سِـراً ــ بالأسلاب
ما بين خراب ٍ وخراب
فيه ِ نمورٌ جمهوريّة
وضباعٌ د يمقـراطية
وخفافيش ٌ دستوريه
وذبابٌ ثوريٌ بالمايوهات الخا كية

يتساقطُ فوق الأعتاب
ويُناضـلُ وسط الأكواب
ويدُ قُ على الأبواب
وسيفـتـحُـ ها الأبواب !
قفصٌ عصريٌ لوحوش ِ ا لغاب
لا يُسمحُ للإ نسانية
أن تد خُـلـهُ
فلقد كتبوا فوق الباب :
جامعةُ الدول ِ العربيّة!!
أحمد مطر

ثمن السكوت

الخميس، 26 مارس 2009

وأخيرا خرج الفيلم الدنماركى " فتنة" الذي يسخر من الرسول (ص) متحديا مشاعر المسلمين للمرة الألف بعد عدد من الإهانات التي طالت رموز العالم الإسلامي في الفترة الأخيرة، وفي نفس السياق ستبدأ هولندا ببث فيلم گرتوني إباحي عن زوجات سيدنا محمد (ص) يحتوي على مشاهد فاضحة ومشينة رغم تحذيرات التجارللنائب البرلماني الذي سمح ببثه أن يقاضوه في حال قاطع المسلمون منتجاتهم وتـــحمــيـــله نتائجها.
قد تبدو هذه التطاولات عادية من منظور غربي، إباحي وجد متسامح ولكن الملفت للنظرهو الصمت الذي تواجه به الحكومات الإسلامية مثل هاته الأعمال المنكرة حيث أن أغلبها لم يعلق ساكنا على عكس ما حدث في حادثة الرسوم الكاريكاتورية وكأن الأمر قد أصبح عاديا بالنسبة لها أو أنهم قد اقتنعوا باستحالة ثني هؤلاء المستهترين عن توجيه الإهانات في كل حين إلى نبي الإسلام محمد (ص), وهذا مما يحز في النفوس ويثير الأحقاد وقد ينتج ردود أفعال عنيفة كقتل المخرج الهولندي الذي كان وراء إخراج أحد الأفلام التي تسيء للإسلام.
وإذا كانت الحكومتان الهولندية والدنماركية تلتزمان الصمت إزاء ما يجري على أراضيهما من انتهاكات صارخة لرموز الديانات السماوية وخاصة الإسلام تحت ما يسمى بحرية التعبير فإن هذا الإجراء غير مقبول خاصة وأن هناك دوائر خفية تهدف إلى إثارة مثل هذه المواقف واستغلالها لإنتاج العنف المضاد وإلصاقه بديننا الحنيف قصد تشويه صورة الإسلام والمسلمين في العالم.
وأخيرا فقد حان الوقت لكي نقاطع بصدق وجدية منتجات هاته الدول التي تسمح بالإساءة إلى رموزنا الدينية في برود عجيب، ونحن نتوجه في نفس الآن إلى صانعي القرار في كل الدول الإسلامية بالوقوف في وجه هاته التحديات اللاأخلاقية.

لماذا؟

الجمعة، 20 مارس 2009

يبدو أن ملف العلاقات الإيرانية المغربية قد دخل طريقا مسدودا بعد تصعيد الطرف المغربي الغير مسبوق مع دولة إسلامية تقع في الطرف الآخر من الكرة الأرضية..
لقد حاول بعض المسؤولين التذرع بموقف الجمهورية الإسلامية الصاعدة من تضامن المغرب المشروع مع دولة البحرين الشقيقة لكن بعض التصريحات والإجراءات الأخيرة كشفت عن نيات مبيتة لهذا التصعيد الخطير.
فقد اتهمت السلطات المغربية في نفس الإطار سفارة إيران بنشر المذهب الشيعي في بلدنا السني وعمدت إلى إغلاق المدرسة العراقية في الرباط وكذا مصادرة الكتب الشيعية في إطار حملة منسقة على المكتبات كما أعادت بعض التصريحات ملف عبد القادر بلعيرج إلى واجهة الأحداث في إشارة صريحة إلى دعم إيران لخليته الإرهابية ولم يحضر المغرب إلى جانب عدد من الدول العربية مؤتمرا لدعم غزة في طهران كما تحفظت نفس الدول على حضور الرئيس الإيراني نجاد في قمة الدوحة..وهكذا يتبين بأن ردود الأفعال المغربية قد فاقت فعلا ما جرى وكأن صداقة البلدين والتي توطدت بعد لأي بسبب تدخل بعض المحاور الإقليمية الحقودة في تقويضها في كل حين - وقد نجحت أخيرا في استغلال موقف كان يمكن إصلاحه بسهولة دون اللجوء إلى ردود أفعال أحادية ذات بعد إستراتيجي ضيق- كانت مجرد بناء على أرض متهاوية..
إن مثل هاته القرارات عادة لا تكون إلا في حالة الحرب ونحن لسنا في حالة حرب مع إيران والتي تبعد عنا بآلاف الكلمترات وتشاركنا في نفس الدين-رغم اختلاف المذهب-.. بل وتقوم بأدوار ريادية في نصرة القضايا الإسلامية المصيرية، كما يمكن أن تجمع بين البلدين –المغرب و إيران – علاقات تجارية واقتصادية هامة.. ولكن يبدو أن بعض المسؤولين لا تقنعهم مثل هاته الحجج بعد أن صرفت أموال ومشاريع البترودولار الموازية لهذا الخط عقولهم عن التفكير في إصلاح وتجاوز هذا التوتر بدل استغلاله لتقويض ما تم ترميمه منذ سنين في إطار الصداقة والتعاون المثمر.
إيران هاته القوة الصاعدة اليوم والتي نجحت في تحدي أعتى القوى الإستراتيجية في العالم ولا ريب أن إدارة أوباما قد أدركت هذه الحقيقة لما استسلمت للحلول الدبلوماسية بعد التصعيدات التي اشتهرت بها إدارة سلفه الأعمى.
لقد حققت إيران حلم الدولة القوية في زمن قياسي لما يتجاوز الثلاثين عاما وما زالت تسير بخطى ثابتة نحو الرقي في مختلف الميادين وبإمكانيات ذاتية ساعد في تطويرها الحصار المفروض على الجمهورية الإسلامية الفتية منذ نجاح الثورة وصعود التيار الإسلامي إلى الحكم وذلك بإيعاز من أمريكا وحلفائها شرقا وغربا، ولم يستفد المغرب منذ استقلاله من كل الهبات والقروض التي وجهت لمشاريع التقويم وإعادة التقويم وبعد ذلك الإنقاذ، فمازالت كل القطاعات تعاني من نفس المشاكل بل وتراكمت مشاكل أخرى في إطار العولمة والبقية تأتي بعد عمليات الإصلاح الاستعجالية..!
فإلى متى يبقى المغرب رهينا بإستراتيجيات وخطط غيره، وإذا كانت بعض المحاور الإقليمية تبحث عن عداء الجمهورية الإسلامية بدوافع أضغان قديمة فما دخل المغرب في هذا الصراع الذي لا يريد أن ينتهي..وإذا كانت هذه المحاور تستطيع فرض اختياراتها على بعض البلدان المعوزة فإن المغرب بلد قوي وشريك اقتصادي مهم للمنظومة الغربية وإيران أيضا بلد غني ولديه من الثروات والمشاريع ما يستطيع به إنعاش اقتصادنا المتذبذب.
أما خوف السلطات المغربية من تنامي المد الشيعي في البلد فلا مبرر له حيث لا تتجاوز نسبة الشيعة نسبة المسيحيين أو اليهود مثلا وهم إلى جانب ذلك قوم مسالمون لم يثبت من قبل تورطهم في عمليات إرهابية على غرار أتباع المدرسة الوهابية التكفيرية الذين عانى منهم العالم الإسلامي عموما والمغرب خصوصا الأمرين في الآونة الأخيرة.
لقد عادت المياه إلى مجاريها الآن بين إيران والبحرين واتضحت معالم الحقد الدفين على الجمهورية الإسلامية عبر تصريحات عدد من المسؤولين في المحور المصري السعودي واكتفى المغرب بصراع مجاني لا ناقة له فيه و لا جمل.

من التالي؟

الاثنين، 9 مارس 2009

وأنا أتابع ملف الرئيس السوداني عمرالبشير بحركاته التصعيدية وتوعداته المثيرة للجدل أحسست وكأن التاريخ يعيد نفسه، وتبادرت إلى ذهني مباشرة سيناريوهات بدايات الهجوم على العراق عندما كان صدام أيضا يتوعد المجتمع الدولي في تحد سافر سقطت أقنعته بعيد أيام من الإجتياح الأمريكي على بلاد الرافدين.
قد يكون البشير على حق في اتهاماته الموجهة إلى عدد من المنظمات الدولية العاملة في إقليم دارفور جنوب السودان والتي خالفت أدوارها الحقيقية في نقل المساعدات وعلاج ضحايا الحرب ربما تحت وطأة الضمير الإنساني لما يجري أمامها من مجازر وحشية لتنقل عددا من اللاجئين من ساحة الأحداث إلى فرنسا حيث يوجد مقر المحكمة الجنائية الدولية للإدلاء بشهاداتهم ضد ميليشيا الجنجويد التابعة لحكومة الرئيس البشير والذي يتهم أيضا هاته المنظمات باستغلال الإعانات الممنوحة لهم من الدول لتبديدها على موظفيها بدل المستحقين لها من ضحايا الحرب والمجاعة في تلك النقطة الساخنة من العالم.
وقد يكون أنصار البشير ومؤيدوه أيضا على حق عندما ينطلقون من منطق مقاومة القرارات الدولية والتي لا تطال أسياد المجتمع الدولي مهما ارتكب هؤلاء من جرائم يندى لها جبين البشرية.
ولكن المشكلة أعمق من ذلك بكثير، خاصة إذا علمنا بان أحد أقرب أنصار الرئيس عمر البشير السابقين أيام الكفاح والثورة وهو الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض يقبع حاليا في السجن منذ منتصف يناير الماضي بعد أن جهر باستنكاره لما يحدث فعلا في إقليم دارفور ليطالبه اليوم من معتقله بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية وبالتنحي عن السلطة حتى لو كان بريئا، مجددا في نفس الآن دعوته للحكومة السودانية لإطلاق الحريات العامة وتعديل قوانين الصحافة والأمن لتتواءم مع الدستور الإنتقالي.
لقد كن التنحي عن السلطة وإصلاح الدستور أيضا من أهم المقترحات التي تقدم بها عدد من الناصحين لصدام حسين قبيل سقوط العراق ولكنه رفضها بشدة، ليس فقط لأنه لم يكن يريد الاستسلام لأوامر المجتمع الدولي المدفوع أمريكيا، ولكن لأن مثل هاته الإجراءات لا تناسب طموحات حكام دول الجنوب بصفة عامة ولا تستجيب لتركيبات شخصياتهم المتسلطة، فهم لا يغيرون دساتيرهم عادة إلا لتمديد فترة تسلطهم ولا يستعرضون عضلاتهم إلا على شعوبهم المقهورة ولا يهمهم من الإصلاح إلا ما يناسب استقرار عروشهم ولو لم تطلنا رحمة الموت جميعا للبثوا في السلطة خالدين. فلو كان تداول السلطة مطروحا كما هو الحال في الديمقراطيات المستوردة بتصرف من الغرب لوقفت المعارضة جنبا إلى جنب الرئيس تنافح عنه وتدافع عن مواقفه مهما شدت أو تباينت وواقع الحال عوض أن تطالب اليوم حركة العدل والمساواة مثلا بتطبيق برنامج نفط مقابل غذاء سوداني على غرار ما كان معمولا به في عراق صدام قبل السقوط.
إن مؤيدو البشير اليوم هم أنفسهم مؤيدو صدام بالأمس ولن ينفعوا الأول بشيء إن لم يغررو به كما فعلوا مع الثاني في ماض قريب جدا جدا..
لقد كشف سقوط العراق عن العديد من الأقنعة الزائفة وكشف فوق ما كشف أيضا عن نظام قمعي خلف وراءه آلاف الضحايا من الأبرياء..وإذا كان صدام بالأمس يتستر خلف أسوار العروبة والإسلام فإن العقاب الإلاهي قد تجاوز هاته الأسوار ليطاله في الدنيا قبل الآخرة فهلا يتذكر أولوا الألباب..
ربما يبدو سيناريو الحرب على السودان بعيدا اليوم وغير مطروح على الطاولة بقوة ولكن بوادره تبدو جد قريبة خاصة وأن طريقة تعاطي المسؤولين هناك مع الطروحات والقرارات الدولية تشبه إلى حد كبير ما كان يجري في العراق قبيل الإجتياح الأمريكي، عندما كان الصحاف يبشر بالنصر على العلوج حتى آخر يوم قبل اختفائه..