لماذا المعلم؟

الجمعة، 2 ماي 2008
إذا كان المعلم قد تنكر لهذا اللقب وهو يتأمل سعيدا عبارة أستاذ في شهادة العمل الجديدة فلأنه, و للأسف, لم يعد يدرك عمق رسالته الإنسانية في مجتمع قد صار فيه ضحية بعد أن كان سيد الموقف, وبعد أن كانت تنحني له الجباه بات مسكينا وطريد ديون و شكايات..
فواقع المهنة مر و تضحياتها جسام لكل من يعمل بوازع الضمير ورغم ذلك يبقى جزاؤه جزاء سنمار..وبعد أن كان يقال في المثل المغربي طاحت السمعة علقوا الحجام أصبحوا اليوم يعلقون المعلم الذي صار يجاهد فقط لضمان حقوقه وكرامته.
لقد لقب أكبر فيلسوف عرفته البشرية –سقراط- بالمعلم الأول, وفي حديث الرسول (ص): (إنما بعثت معلما) أكبر احتفاء بهذا اللقب, و إلى عهد قريب كان المعلم في المغرب عضوا من طبقة النبلاء إلى الحد الذي حمله الناس على كل من يتقن صنعته حتى عد من أشهر ألقاب الملك الراحل-الحسن الثاني- لخبرته الواسعة بشؤون المملكة و دهاليز الحكم و السياسة. لكن سياسات الحصار و التهميش المتعاقبة والتي صبت من خلالها الدولة جام غضبها على أخطر فئة كانت تقود يوما المجتمع أضعف من وهج الرسالة التي يحملها هذا الإنسان القدوة و جعله رهين بؤس الواقع.
إن احتقار المعلم و تهميشه في أي دولة أو حضارة لهو دليل قاطع على انحطاط هاته الأخيرة و اضمحلال القيم فيها, فالمعلم هو الذي يصنع الطبيب و المهندس و الفنان, و هو أول قدوة للأجيال الصاعدة و حقه في الإحترام و التقدير واجب مفروض قد نحته أمير الشعراء شوقي في أروع صورة بذاكرة الأجيال عندما قال:
قف للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
وختاما, فإن الكلمات قد لا تفي بالغرض و لكن الذكرى تنفع المومنين.