أنقذوا هذا الميثاق

الجمعة، 20 يونيو 2008

قبل ثمان سنوات قامت الحكومة بالإعلان عن مشروع لإنقاذ قطاع التربية و التعليم من الأوضاع المزرية التي أشارت إليها معظم التقارير التي وردت عن شركاء الوزارة الوصية يأتي على رأسهم البنك الدولي حيث تم تكليف لجنة خاصة للإشراف على هذا الملف الشائك و تقديم الحلول الناجعة للخروج من المأزق ليولد الميثاق الوطني لإصلاح التربية و التعليم وسط ضجة إعلامية صاخبة تم خلالها تهميش دور العاملين في القطاع و خاصة رجال التعليم الذين يهمهم الأمر مباشرة حيث تم تخصيص ميزانية مهمة لتمويل جولات هذه اللجنة خارج المغرب وبعيدا عن بؤس الواقع الحقيقي تلاها إسقاط برامج و مناهج و توصيات لا يمت أغلبها لواقع المدرسة المغربية بصلة.
وخلال ثمان سنوات من العمل الجاد لإنجاح هذا المشروع لم تجن خلالها الوزارة الوصية إلا الفشل والإحباط الذي توجه تقرير الإحصاء العالمي الذي قدمه البنك الدولي للمغرب و الذي احتل فيه التعليم في بلادنا المرتبة الثالثة قبل الأخيرة مما شكل مفاجأة حقيقية حتى لأكثر المتفائلين وإن كانت متوقعة في أغلب الأوساط.
وبعد أيام فقط من تجاوز آثارالصدمة صدر تقرير المجلس الأعلى للتربية و التعليم أعلنت على إثره حالة طوارئ في جميع المؤسسات التعليمية التي أفردت يوما خاصا لتقديم المقترحات الملائمة للخروج من الوضع الكارثي الذي وصل إليه التعليم في بلادنا بعد أن كان يضرب به المثل مع جيل بوكماخ.
لقد عادت الكرة أخيرا إلى ملعبها لكن وقبل أن نتكلم عن أي سبيل للخروج من المأزق يجب أن نعود أولا إلى المحطة التي انطلق منها الميثاق من أجل تصحيح الأخطاء الجديدة التي جاء بها هذا المشروع والتي زادت الأوضاع في واقع الأمر تعقيدا فعلى سبيل المثال لا الحصر تناسلت المقررات داخل نفس المستوى لتزيد العبء على جيوب المواطنين و ضاع رجال التعليم بين مناهج مستحدثة تم اجتيازها في عدد من الدول المتقدمة في غياب دور حقيقي لهيأة التأطيرالتي تناقصت أعدادها بشدة بعد إغلاق مركز تخريج المفتشين و إحالة العديد منهم إلى التقاعد أو خروجهم عن طريق المغادرة الطوعية التي زادت الوضع استفحالا خاصة على مستوى الإدارة التربوية و امتد الفشل إلى الجامعات بعد إدخال نظام الوحدات دون دراسة معمقة و واعية حيث حد هذا النظام كثيرا من حرية الطالب في البحث و العطاء بعد أن أصبح مقيدا بمقرر أستاذه المباشر ومطالبا بالحضور في جميع الأوقات حتى لا تضيع نقطة المراقبة المستمرة مما انعكس سلبا على النتائج المحصلة والتي طالت لعنتها جميع الأسلاك التعليمية.
و اليوم فإننا لا نستطيع التفاؤل من جديد بناء على تقارير و مقترحات قد تبقى حبرا على ورق بل الأدهى من ذلك أن تستعمل ضد رجل التعليم بتحميله مسؤولية الفشل الذي يرفل فيه القطاع وقد بدأت فعلا بوادر ذلك تلوح مع تشكيل لجان المسائلة التي لم يتم تشكيلها لمحاسبة أولائك الذين استهلكوا الأموال الطائلة دون جدوى.
وقبل أن نشرع في تقديم الحلول يجب أن نراجع أولا الأوضاع المزرية التي تعيشها أغلب المدارس العمومية حيث يفتقد معظمها لأبسط التجهيزات الضرورية كالمرفق الصحي و خاصة المدرسة الابتدائية.
وأخيرا و رغم تفعيل كل الحلول فإنها لن تؤتي أكلها دون تسوية مريحة للوضعية المادية لرجل التعليم وإعادة الاعتبار له معنويا.